مفهوم الاختلاف: هو التباين في الرأي بين طرفين أو أكثر، بسبب اختلاف الوسائل و ينبع ذلك
من تفاوت أفهام الناس، أو تباين مداركهم.
2- )الفرق بين الخلاف و الاختلاف: - الخلاف هو افتراق طرفين في الوسائل و الغايات يؤدي
إلى التباين في الرأي.
- الاختلاف
هو أن يكون المقصود واحدا و الوسائل و الطرق مختلفة.
3-) أسباب الاختلاف:
أ-
النزعة الفردية للإنسان : يمتلك الإنسان شعورا طبيعيا بذات
مستقلة تدفعه إلى التميز و التفرد، قال الله: "إن سعيكم لشتى"
ب-
تفاوت أفهام الناس و مداركهم: تفاوت قدراتهم العقلية و ينتج عنه تباينا في تعاطيهم مع نفس الموضوع.
"و فوق كل ذي علم عليم"
ج-
تفاوت أغراضهم : و مصالحهم و مقاصدهم مما يجعل الوعي
بها أساسيا في التواصل.قال الرسول:"إنما الأعمال بالنيات"
د-
تباين المواقف و المعتقدات: المعتقدات أساس التصورات التي تحكم الآراء و المواقف و تفسر الأعمال و
تميزها.قال تعالى:" قل هل ننبئكم
بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سيعهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا." الكهف الآية:103.
4-) موقف الإسلام من الاختلاف:
يصنف
الإسلام الاختلاف إلى مقبول و مذموم.
*
الاختلاف المقبول :
هو كل اختلاف منشأه موضوعي، و من ذلك :
- تباين
فهم دلالات التعابير بسبب إشكال لفظي أو تعدد دلالات اللفظة الواحدة.
- تباين في
فهم الأدلة الشرعية و العقلية.
مثاله:
اختلاف الصحابة في فهم منطوق كلام الرسول:" لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فمنهم من فهم السرعة و منهم من فهم
المكان.
و هذا
النوع من الاختلاف يعتبر اختلاف تنوع يوسع المدارك و يولد الاجتهاد و يغني النظر.
*
الاختلاف المذموم :
هو خلاف منشأه الهوى و التعصب و جحود الحق.قال تعالى:"
و آتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما
جاءهم العلم بغيا بينهم، إن ربك بقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" سورة الجاثية الآية : 17
و هذا
النوع من الاختلاف اختلاف تضاد يولد الفتن و العداوة.
5-) من آداب الاختلاف في الإسلام:
قيد الإسلام
الاختلاف المقبول بآداب تحقق مقاصده و تقيه من الانحراف إلى خلاف مذموم، و أهمها:
أ-
التسامح: يرقى من
مستوى التعصب إلى مستوى التراضي و يعين على التطاوع بدل التنازع للوصول إلى
التكامل و الحوار البناء، لحديث النبي:" رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى" البخاري.
ب-
قبول الآخر:
الاعتراف بحق كل إنسان في التفكير و الاعتقاد و التعبير عن آرائه و معتقداته، و
يتجلى في :
- احترام
المخالف، - و عدم الانتقاص من قدره و فكره، - و منحه حق تداول الكلمة، - و عرض
آرائه.
ج-
الحياء: خصلة
تمنح المناظر التواضع و الأدب في القول، و تقيه من الغرور و تنزهه عن الوقاحة، قال
النبي الكريم:" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت". البخاري
د-
الإنصاف: و هي
القدرة على الاعتراف بالخطأ و امتلاك الشجاعة على تصويب الغير إذا تبين صوابه، قال
عمار:" ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان،
الإنصاف من نفسك، و بذل السلام للعالم، و الإنفاق من الإقتار". البخاري.
6-) كيف ندبر الاختلاف ؟
لكي نحسن
تدبير الاختلاف و استثماره في تلاقح الأفكار، و تبادل المعلومات، و فض النزاعات،
وجب التقيد بقواعد عامة منها :
1-
ضبط النفس : تجنب
العنف في الحوار و التحلي بالحلم و الرفق و الأدب، قال تعالى:" الذين ينفقون في السراء و الضراء و الكاظمين الغيظ و العافين عن الناس و الله يحب
المحسنين"
آل عمران الآية 134.
2- العلم بموضوع الاختلاف : و هو شرط لتدارس أي موضوع، و المسلم لا يجادل
فيما لا يعلم بل يستفسر ليتعلم، قال تعلى:" و من الناس من يجادل في الله بغير علم و لا هدى و لا كتاب منير" الحج الآية 8.
3-
التفاوض : شكل
راق من أشكال الحوار بين المختلفين، غايته تلمس الطريق نحو تسوية للاختلاف بشكل
يصون كرامة الطرفين.
4- التحكيم : يعتبر أفضل وسيلة لتدبير الاختلاف بين الناس، و
هو تفويض المختلفين شخصا محايدا يرضونه و يثقون في حكمته للفصل في موضوع اختلافهم.
لقوله تعالى:" و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و
حكما من أهلها، إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما، إن الله كان عليما خبيرا" النساء الآية 35.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire